لمحة تاريخية
لمحة تاريخية عن الطب المخبري والمختبرات الطبية
تطور الطب المخبري منذ العصور القديمة حتى القرن الحادي و العشرين بثلاث مراحل:
بدء باستخدام النمل لتذوق سوائل الجسم مروراً بالفحص المجهري و انتهاءً بالفحص الجزيئي الذي هو أساس تاريخ الطب و ثورته العلمية و مصدر الفصل للقرار الطبي.
في مصر القديمة و بلاد ما بين النهريين قام الأطباء الأوائل بتشخيص المرضى اعتماداً على ملاحظة الاعراض السريرية و استخدام الجس و التسميع و كان الاطباء في هذه العصور قادرين على وصف الاختلالات في الجهاز الهضمي والقلب والدورة الدموية والكبد والطحال واضطرابات الدورة الشهرية بهذه الطريقة، و كانت تستخدم لتشخيص المرضى من الاسر الملكية و الاثرياء فقط.
أقدم اختبار معروف على سوائل الجسم تم على البول في العصور القديمة (قبل 400 قبل الميلاد). تم سكب البول على الأرض ولاحظ ما إذا كان قد جذب النمل. إذا كان الأمر كذلك ، تم تشخيص المرضى با مرض السكر.
في عام 900م تم تأليف أول كتاب عن التشخيص المخبري لسوائل الجسم وهو يفصل اللون والكثافة والرسوبيات الموجودة في البول.
و اصبحت قارورة البول شعار الطب في العصور الوسطى.
وفي العالم العربي و الاسلامي كانت العصور الوسطى عصور ازدهار العلوم و منها علم الطفيليات (Parasitology) والذي يعتبره البعض علم حديثا ولكن كانت بدايته كانت على ايدي العلماء المسلمين:
ابوبكر ابن الرازي في القرن التاسع الميلادي اكتشف مرض البرداء(الملاريا) (Malaria) و اسبابها و اعراضها.
ابن سينا ابو علي الحسين بن عبدالله الملقب بالشيخ الرئيس في القرن العاشر الميلادي اكتشف دودة الانكلستوما (Ancylostoma worm) سماها الدودة المستديرة و دودة الفلاريا (Filaria worm) و تحدثه عن داء الفيل (Elephantiasis) و وصفه هو زيادة في القدم وسائر الرجل.
قام العالم روجر بيكون 1250م باختراع العدسة المكبرة و التي اعتبرت أول مجهر بسيط.
بدأت علوم المختبرات تتطور في القرن السابع عشر حيث تمكن أنتاناسيوس كيرشر أول من استخدم المجهر للتحقيق من الميكروبات. وقد سبق وقته بالقول أن الطاعون سببه مخلوق مجهري .
كما بدأت تجارب نقل الدم بمساعدة أخصائي فيزيولوجيا ، يدعى ريتشارد لوير (Richard Lower) من انجلترا. كان هو أول من قام بنقل الدم مباشرة من حيوان إلى آخر.
القرن الثامن عشر يعتبر العصر الذهبي لطب المختبرات:
حيث أكتشف عالم فيزيولوجي إنجليزي هو ويليام هيوسون (William Hewson) سبب تخثر الدم.
أكتشف العالم الفرنسي لويس تشارلز (Louis-Charles) تحليل الهيموجلوبين و صورة الدم .
اكتشفت طريقة لفصل مكونات الدم وتم اختراع أنواع متعددة من الميكروسكوبات.
وفي القرن التاسع عشرأصبح الِمجهر رمز العالِم الطبي، واحتلَّ الدور نفسه الذي احتلته السمَّاعة الطبية لدى الطبيب السريري ، و تزامن مع ظهور تقنيات التشخيص المتطورة والمختبرات التي احتوتها تقريبًا مع الثورات السياسية والصناعية والفلسفية العالمية في القرن التاسع عشر.
تم إنشاء أول مختبر للمستشفى في بريطانيا في عام 1890م، وكان مختبر صغير ملحق للعمل السريري.
في عام 1898 ، أنشأ السير ويليام أوسلر(William Osler) ، مختبر في جناح في مستشفى جونز هوبكنز في الولايات المتحدة الامريكية بتكلفة 50 دولار.
وكان الاطباء هم من يقومون بالإجراءات بأنفسهم . و كان الكثير من الاطباء ينظرون الى المختبرات السريرية باعتبارها مجرد رفاهية باهظة الثمن تستهلك كل من المساحة و الوقت.
ان اكتشاف العوامل المسببة للأوبئة الخطيرة مثل السل و الدفتريا و الكوليرا في ثمانينات القرن التاسع عشر و التطور اللاحق للفحوصات للكشف عنها في أواخر تسعينات القرن التاسع عشر دفع الى حدوث تغير في الموقف ، و بحلول نهاية القرن العشرين احتل المختبر موقعا ذا اهمية أكبر بكثير.
وبدأ أخصائيو علم الامراض في تدريب مساعدين على تنفيذ بعض الفحوصات المخبرية الأكثر بساطة .
وفي عام 1926 أقرت الكلية الامريكية للجراحين معايير اعتماد للمستشفيات ان يكون لديها مختبر سريري تحت أشراف طبيب علم أمراض.
بعد الحرب العالمية الاولى( 1914 م – 1918 م) أنشئت مجموعة واسعة من البرامج التدريبية لتلبية الاحتياجات المتزايدة من فنيي المختبرات الطبية .
وفي عام 1933 تم في الولايات المتحدة الامريكية تشكيل الجمعية الامريكية لفنيي المختبرات الطبية السريرية (American Society for Clinical Laboratory “Science “ASCLT).
وهكذا اصبح الطب المخبري في عصر اليوم احد الركائز في البحوث الطبية و التكنولوجيا المتطورة بسرعة، و لا يمكن للمرء أن يتخيل نظام الرعاية الصحية دون الطب المخبري.
و يلعب التحليل المختبري للدم و سوائل الجسم الأخرى دوراً أساسياً في تشخيص و علاج الامراض ، و كذلك في الطب الوقائي الروتيني و تنفيذ برامج ضمان الجودة.
و يشغل أخصائي التحاليل الطبية في وقتنا الحالي مناصب رفيعة في المختبرات الطبية السريرية ، و يحملون المؤهلات العالية على مستوى البكالوريوس و الماجستير و الدكتوراة و مناصب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.
على مستوى اليمن :
فكان مناقشة أمكانية أنشاء مشروع مختبري مركزي في صنعاء مع منظمة الصحة العالمية بتاريخ 28/ 2/ 1966م وكلف د/ احمد العماري بزيارة المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية.
وفي عام 1974م صدر قرار وزاري بشأن انشاء ادارة الخدمات المخبرية و المختبر المركزي بوزارة الصحة.
وفي عام 1975م وافقت دولة الكويت على بناء مقر مختبر الصحة العامة المركزي(الذي لايزال حتى الان المبني الحالي) و أكتمل بناءه في عام 1977م.
وفي عام 1995م صدر قرار وزاري بشان منح مختبر الصحة العامة المركزي
الاستقلالية المالية و الفنية مع فروعة(عدن/تعز/ الحديدة/ المكلا) ويتبع مكتب وزير الصحة العامة.
وفي عام 2005م صدر قرار جمهوري رقم (246) بشأن إنشاء المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية ويتمتع بالشخصية الاعتبارية و يخضع لأشراف وزير الصحة العامة و السكان.
و تهدف القرارت المذكورة بمجملها الى إعطاء المختبرات الطبية دور في المساهمة الفعالة في مجال الخدمات التشخيصية المختبرية و خدمات الصحة العامة المخبرية ، كمختبرات تشخيصية مرجعية و صحة عامة وابحاث و تدريبية و رقابية على المختبرات الطبية العامة و الخاصة.